لقجع يكشف عن شبكة ترابية لمواكبة الدعم الاجتماعي المباشر.. والتحويلات المالية ستنبني على "مشروع وطني" لانتشال الأسر من الهشاشة بشكل مستدام
كشف الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع عن شروع الحكومة في إحداث أولى التمثيليات الترابية للوكالة الوطنية للدعم المباشر، باعتبارها "تجربة نموذجية" سيتم إخضاعها لاحقا لتقييم دقيق قبل المرور إلى مرحلة التعميم، وذلك ضمن مسار أشمل تسعى من خلاله الدولة إلى إرساء منظومة متكاملة لتتبع نجاعة الدعم الاجتماعي وقياس أثره الفعلي على الأسر المستفيدة.
وجاءت هذه المعطيات في جواب كتابي وجهه لقجع إلى رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب إدريس السنتيسي، بشأن مراجعة مؤشرات الاستهداف واستدامة تمويل الدعم الاجتماعي المباشر.
وفي هذا الإطار، شدد المسؤول الحكومي ضمن الجواب الذي اطلعت عليه "الصحيفة" على أن المقاربة الجديدة تنبع من حرص الحكومة، عبر الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، على تنفيذ التوجيهات المتواصلة للملك، والتي تؤكد، في جوهرها، على ضرورة أن يُحدث الدعم الاجتماعي أثرا ملموسا ومُستداما في حياة المستفيدين، بما يضمن انتقاله من مجرد تحويلات مالية إلى آلية تحويل اجتماعي واقعية وفعّالة.
وسجّل لقجع في السياق نفسه، أن الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي تولي أهمية مركزية لسياسة القرب في بعدها الإنساني والترابي، باعتبارها شرطا أساسيا للارتقاء بالدعم الاجتماعي من منحة ظرفية إلى رافعة للتنمية المجالية المندمجة، تماما كما دعا الملك في خطبه الأخيرة.
ومن هنا، تستند مقاربة التفعيل، كما يوضح المسؤول الحكومي، إلى إنشاء تمثيليات ترابية تضم مواكبين اجتماعيين مكلفين بالتعرف عن قرب على الأوضاع الخاصة للأسر المستفيدة، ومرافقتها في مسار الخروج من الهشاشة بشكل مستدام، وصولا إلى تثبيت إدماجها الاقتصادي والاجتماعي داخل محيطها.
ويشير الجواب، إلى أنّ التمثيليات الترابية المُحدثة ستشتغل بشراكة مع مختلف الفاعلين المحليين في مجالات الإدماج الاجتماعي والاقتصادي، من أجل ضمان مواكبة متكاملة للمستفيدين من برنامج الدعم الاجتماعي المباشر.
وتشمل هذه المواكبة تفعيل التزامات الأسر، وعلى رأسها تتبع تمدرس الأطفال، والمراقبة المنتظمة لصحة الأم والطفل، إضافة إلى التزامات أخرى ستُراعى عند تحديدها الخصوصيات السوسيو-اقتصادية لكل مجال ترابي، وكذا الوضعيات الفردية لكل أسرة.
المعطيات الواردة في الوثيقة ذاتها تؤكد أن دور التمثيليات الترابية لن يقتصر على الدعم الاجتماعي الكلاسيكي، بل سيتوسع ليشمل وضع مسارات مهيكلة للإدماج الاقتصادي تمكّن من تعزيز قدرات أفراد الأسر وتنمية مهاراتهم، إلى جانب تقليص العوائق التي تحول دون ولوجهم لسوق الشغل.
الهدف، كما شدد على ذلك لقجع، هو دفع هذه الأسر نحو انخراط مسؤول في هذه المسارات، بما يضمن تحررها التدريجي من دوائر الفقر والهشاشة.
وقد شرعت الحكومة بالفعل في إحداث النواة الأولى لهذه التمثيليات على سبيل التجريب، على أن تخضع نتائجها لتقييم شامل قبل اعتمادها كنموذج قابل للتعميم وطنيا.
وفي ما يتعلق بتتبع أثر الدعم الاجتماعي المباشر، أوضح الوزير أن الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي تعمل على بناء منظومة دقيقة تُعنى بقياس نجاعة الدعم، وتتبع التغيرات التي يحدثها على مستوى مؤشرات التنمية البشرية في كل مجال ترابي.
وستمكّن هذه الآلية، بحسب لقجع، من تطوير أدوات المواكبة وجعلها أكثر ملاءمة لحاجيات كل منطقة، وبالتالي تعزيز البعد التنموي لهذا الورش الملكي الذي يشكل أحد أعمدة الدولة الاجتماعية الجديدة.
وأكد لقجع أن الاستهداف الناجع للأسر لا يمكن تحقيقه دون منظومة دقيقة لتحيين المعطيات، مشيرا إلى أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر يعتمد بشكل أساسي على قاعدة البيانات الواردة من السجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الأداة المحورية في تحديد المستفيدين من الدعم.
ووفقا لمقتضيات القانون رقم 72.18، تقوم الوكالة الوطنية للسجلات بعمليات تحقق دقيقة من المعلومات المصرح بها للتأكد من أهلية الأسر، اعتمادا على المعطيات المتاحة لدى القطاعات الحكومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والخاصة.
ويضيف الوزير أن الوكالة تقوم، كلما دعت الضرورة، وعلى الأقل مرة واحدة في السنة، بتحيين معطيات الأسر استنادا إلى المستجدات المصرح بها أو إلى البيانات التي تتوصل بها من مختلف الإدارات والهيئات العمومية، كما يُلزم القانون، في مادته 16 الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات المعنية ببرنامج الدعم الاجتماعي المباشر باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استفادة الأسر من الدعم ابتداء من تاريخ استحقاقها، في حال جرى تعديل التنقيط أو مراجعة وضعيتها الاجتماعية.
أما فيما يتعلق بعملية التحقق من استمرار الأهلية للاستفادة من النظام، فقد أوضح لقجع أن الهيئات المسيرة للبرنامج تقوم بهذه العملية بشكل شهري، استنادا إلى تبادل إلكتروني للمعطيات مع مختلف المؤسسات والإدارات المعنية، بما يضمن استمرار توجيه الدعم إلى الفئات المستحقة دون انقطاع أو تأخير.




